٢٠٠٨/٠١/٢٩

قلم ... أحمد مطر

جسَّ الطبيبُ خافقـي
وقـالَ لي
هلْ ها هُنـا الألَـمْ ؟
قُلتُ له: نعَـمْ
فَشـقَّ بالمِشـرَطِ جيبَ معطَفـي
وأخـرَجَ القَلَــمْ
**
هَـزَّ الطّبيبُ رأسَـهُ .. ومالَ وابتَسـمْ
وَقالَ لـي
ليسَ سـوى قَلَـمْ
فقُلتُ : لا يا سَيّـدي
هـذا يَـدٌ .. وَفَـمْ
رَصـاصــةٌ .. وَدَمْ
وَتُهمـةٌ سـافِرةٌ .. تَمشي بِلا قَـدَمْ

٢٠٠٨/٠١/٢٥

صاحبة الجهالة ... أحمد مطر

مَـرّةً
فَكّـرتُ في نشْرِ مَقالْ
عَـن مآسي الاحتِـلالْ
عَـنْ دِفـاعِ الحَجَـرِ الأعـزَلِ
عَـن مدفَـعِ أربابٍ النّضـال
وَعَـنِ الطّفْـلِ الّذي يُحـرَقُ في الثّـورةِ
كي يَغْـرقَ في الثّروةِ أشباهُ الرِّجالْ
***
قَلّبَ المَسئولُ أوراقـي
وَقالْ
إجـتـَنـِـبْ أيَّ عِباراتٍ تُثيرُ الانفِعـال
مَثَـلاً
خَفّـفْ مآسـي
لِـمَ لا تَكتُبَ ماسـي ؟
أو مُواسـي
أو أماسـي
شَكْلُهـا الحاضِـرُ إحراجٌ لأصحابِ الكراسي
***
إحذ ِفِ الأعـْزَلَ
فالأعْـزلُ تحريضٌ على عَـْزلِ السّلاطينِ
وَ تَعريضٌ بخَـطِّ الإنعِـزالْ
***
إحـذِفِ المـدْفَـعَ
كي تَدْفَـعَ عنكَ الإعتِقالْ
نحْـنُ في مرحَلَـةِ السّلـمِ
وَقـدْ حُـرِّمَ في السِّلمِ القِتالْ
***
إحـذِفِ الأربـابَ
لا ربَّ سِـوى اللهِ العَظيمِ المُتَعـالْ
***
إحـذِفِ الطّفْـلَ
فلا يَحسُـنُ خَلْطُ الجِـدِّ في لُعْبِ العِيالْ
***
إحـذِفِ الثّـورَةَ
فالأوطـانُ في أفضَـلِ حالْ
***
إحـذِفِ الثّرْوَةَ
و الأشبـاهَ
ما كُلُّ الذي يُعرفُ
يا هذا
يُقـالْ
***
قُلتُ
إنّـي لستُ إبليسَ
وأنتُمْ
لا يُجاريكُـمْ سِـوى إبليس
في هذا المجـالْ
***
قالّ لي
كانَ هُنـا
لكنّـهُ لم يَتَأقلَـمْ
فاستَقَـالْ
***

٢٠٠٨/٠١/٠٤

من قال إن العار يمحوه الغضب ؟؟ ... فاروق جويدة

من قال إن العار يمحوه الغضبْ
وأمامنا عِرض الصبايا يغتصبْ
صور الصبايا العاريات تفجرت
بين العيون نزيف دم من لهبْ
عار على التاريخ كيف تخونه
همم الرجال ويستباح لمن سلبْ
عار على الأوطان كيف يسودها
خزي الرجال وبطش جلاد كذبْ
الخيل ماتت .. والذئاب توحشت
تيجاننا عار .. وسيف من خشبْ
العار أن يقع الرجال فريسة
للعجز .. من خان الشعوب .. ومن نهبْ
لا تسألوا الأيام عن ماض ذهبْ
فالأمس ولى .. والبقاء لمن غلبْ
ماعاد يجدي أن نقول بأننا
أهل المروءة .. والشهامة .. والحسبْ
ماعاد يجدي أن نقول بأننا
خير الورى دينا .. وأنقاهم نسبْ
ولتنظروا ماذا يراد بأرضنا
صارت كغانية تضاجع من رغبْ
حتى رعاع الأرض فوق ترابنا
والكل في صمت تواطأ .. أو شجبْ
الناس تسأل : أين كهان العرب
ماتوا .. تلاشوا .. لا نرى غير العجب
ْولتركعوا خزيا أمام نسائكمْ
لا تسألوا الأطفال عن نسب وأبْ
لا تعجبوا إن صاح في أرحامكم
ْيوما من الأيام ذئب مغتصبْ
عِرض الصبايا والذئاب تُحيطهُ
فصل الختام لأمة تدعى العربْ
عرب ..!! وهل في الأرض ناس كالعربْ
بطش .. وطغيان .. ووجه أبي لهبْ
هذا هو التاريخ .. شعب جائعٌ
وفحيح عاهرة .. وقصر من ذهبْ
هذا هو التاريخ .. جلاد أتى
يتسلم المفتاح من وغد ذهبْ
هذا هو التاريخ لص قاتل
ٌيهب الحياة .. وقد يضِّن بما وهبْ
مابين خنزير يضاجع قدسنا
ومغامر يحصي غنائم ما سلبْ
شارون يقتحم الخليل ورأسهُ
يلقى على بغداد سيلا من لهبْ
ويطل هولاكو على أطلالها
ينعى المساجد .. والمآذن .. والكتبْ
كبر المزاد .. وفي المزاد قوافلٌ
للرقص حينا .. للبغايا .. للطربْ
ينهار تاريخ .. وتسقط أمة
وبكل قافلة عميل .. أو ذنب
سوق كبير للشعوب .. وحولهُ
يتفاخر الكهان من منهم كسبْ
جاؤوا إلى بغداد .. قالوا أجدبتْ
أشجارها شاخت .. ومات بها العنبْ
قد زيفوا تاجا رخيصا مبهرا
حرية الإنسان .. أغلى ما أحبْ
خرجت ثعابين .. وفاحت جيفةٌ
عهر قديم في الحضارة يحتجبْ
وأفاقت الدنيا على وجه الردى
ونهاية الحلم المضيء المرتقبْ
صلبوا الحضارة فوق نعش شذوذهمْ
يا ليت شيئا غير هذا قد صلبْ
هي خدعة سقطت .. وفي أشلائها
سرقت سنين العمر زهوا .. أو صخبْ
حرية الإنسان غاية حلمنا
لا تطلبوا من سفيه مغتصبْ
هي تاج هذا الكون حين يزفها
دم الشعوب لمن أحب .. ومن طلبْ
شمس الحضارة أعلنت عصيانها
وضميرها المهزوم في صمت غربْ
بغداد تسأل .. والذئاب تحيطها
من كل فجٍ .. أين كهان العربْ
وهناك طفل في ثراها ساجدٌ
مازال يسأل كيف مات بلا سببْ
كهاننا ناموا على أوهامهم
ليل وخمر في مضاجع من ذهبْ
بين القصور يفوح عطر فادحٌ
وعلى الأرائك ألف سيف من حطبْ
وعلى المدى تقف الشعوب كأنها
وهم من الأوهام .. أو عهد كذبْ
فوق الفرات يطل فجر قادم
وأمام دجلة طيف حلم يقتربْ
وعلى المشارف سرب نخل صامد
يروي الحكايا من نَأَمْرَكَ ... أو هرب
هذي البلاد بلادنا مهما نأتْ
وتغربت فينا دماء .. أو نسبْ
يا كل عصفور تغرب كارها
ستعود بالأمل البعيد المغتربْ
هذي الذئاب تبول فوق ترابنا
ونخيلنا المقهور في حزن صلبْ
موتوا فداء الأرض إن نخيلها
فوق الشواطيء كالأرامل ينتحبْ
ولتجعلوا سعف النخيل قنابلا
وثمارها الثكلى عناقيد اللهبْ
فغدا سيهدأ كل شئ بعدها
يروي لنا التاريخ قصة ما كتبْ
وعلى المدى يبدو شعاع خافتٌ
ينساب عند الفجر .. يخترق السحبْ
ويظل يعلو فوق كل سحابةٍ
وجه الشهيد يطل من خلف الشهبْ
ويصيح فينا كل أرضٍ حرةٌ
يأبى ثراها أن يلين لمغتصبْ
ما عاد يكفي أن تثور شعوبنا
غضبا .. فلن يجدي مع العجز الغضبْ
لن ترجع الأيام تاريخاً ذهبْ
ومن المهانة أن نقاتل بالخطبْ
هذي خنادقنا .. وتلك خيولنا
عودوا إليها فالأمان لمن غلبْ
ماعاد يكفينا الغضبْ
ماعاد يكفينا الغضبْ

٢٠٠٨/٠١/٠٢

أتجول في الوطن العربي ... نزار قباني

أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
لأقرأَ شعري للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ منذُ بدأتُ
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
وليسَ معي إلا دفترْ
يُرسلني المخفرُ للمخفرْ
يرميني العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحملُ في جيبي إلا عصفورْ
لكنَّ الضابطَ يوقفني
ويريدُ جوازاً للعصفورْ
تحتاجُ الكلمةُ في وطني لجوازِ مرورْ
أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمانَ المأمورْ
أتأمّلُ في أكياسِ الرملِ
ودمعي في عينيَّ بحورْ
وأمامي كانتْ لافتةٌ
تتحدّثُ عن وطنٍ واحدْ
تتحدّثُ عن شعبٍ واحدْ
وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ
أتقيأُ أحزاني
وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادي مرميّاً
كالقدحِ المكسورْ

٢٠٠٧/١٢/٢٨

لا تكذبي ... كامل الشناوي

لا تكذبي
إني رأيتكما معا
ودعي البكاء ... فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى ... من عين كاذبة
فأنكر وادعى
****
إني رأيتكما ... إني سمعتكما
عيناكِ في عينيه ... في شفتيه في كفيه ... في قدميه
ويداكِ ضارعتان .. ترتعشان من لهفٍ عليه
****
تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني
بسوطٍ من لهيب
بالهمس، باللمس، بالآهات ، بالنظرات ، باللفتات ، بالصمت الرهيب
ويشب في قلبي حريق
ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون تلومني وتشد أذني
فلطالما باركت كذبكِ كله ولعنت ظني
****
ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليكِ ؟
ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفاً عليكِ ؟
أأقول هانت ؟
أأقول خانت ؟
أأقولها ؟
لو قلتها أشفي غليلي
ياويلتي
لا ، لن أقول أنا ، فقولي
****
لا تخجلي .. لا تفزعي مني .. فلست بثائرِ
أنقذتني من زيف أحلامي وغدر مشاعري
****
فرأيت أنك كنت لي قيدًا ... حرصت العمر ألا أكسره
فكسرته
ورأيت أنك كنت لي ذنباً ... سألت الله ألا يغفره
فغفرته
****
كوني كما تبغين لكن لن تكوني لي
فأنا صنعتكِ من هواي ، ومن جنوني
ولقد برئت من الهوى ومن الجنون

الشاعر المعلم ... ابراهيم طوقان

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي
قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا

اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً
مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ
كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعَةً
لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولا

حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً
مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا

مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ
وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا

وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى
وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا

لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً
مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا

مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ
أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا

وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي
مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا

وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى
وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى

فَأَرَى (حِمَارَاً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه
رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً
وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ
إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

٢٠٠٧/١٢/٢١

أرض الأنبياء .. فاروق جويدة

ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟؟
لا شيء غير النجمة السوداء ترتع في السماء
لا شيء غير مواكب القتلى
وأنات النساء
لا شيء غير سيوف داحس التي
غرست سهام الموت في الغبراء
لا شيء غير دماء آل البيت مازالت تحاصر كربلاء
فالكون تابوت
وعين الشمس مشنقةُ
وتاريخ العروبة سيف بطش أو دماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟؟
خمسون عاماً والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاً
ثم تبتلع الهواء
خمسون عاماً والفوارس تحت أقدام الخيول تئن في كمدٍ
وتصرخ في استياء
خمسون عاماً في المزاد
وكل جلاد يحدق في الغنيمة ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاماً والزمان يدور في سأم بنا
فإذا تعثرت الخطى
عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء
خمسون عاماً نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
نغرق الدنيا دموعاً بالتعازي والرثاء
حتى السماء الآن تغلق بابها
سئمت دعاء العاجزين
وهل تُرى يجدي مع السفه الدعاء؟؟؟؟؟؟؟؟
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
أتُرى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها في مهرجان العجز
واختنقت بنوبات البكاء
أتُرى رأيتم كيف تحترف الشعوب الموت
كيف تذوب عشقاً في الفناء
أطفالنا في كل صبح يرسمون على جدار العمر خيلاً لا تجيء
وطيف قنديل تناثر في الفضاء
والنجمة السوداء ترتع فوق أشلاء الصليب
تغوص في دم المآذن
تسرق الضحكات من عين الصغار الأبرياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ما بين أوسلو والولائم .. والموائد والتهاني .. والغناء
ماتت فلسطين الحزينة
فاجمعوا الأبناء حول رفاتها وابكوا
كما تبكي النساء
خلعوا ثياب القدس
ألقوا سرها المكنون في قلب العراء
قاموا عليها كالقطيع .. ترنح الجسد الهزيل
تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء
كانت تحدق في الموائد
والسكارى حولها يتمايلون بنشوة
ويقبلون النجمة السوداء
نشروا على الشاشات نعياً دامياً
وعلى الرفات تعانق الأبناء والأعداء
وتقبلوا فيها العزاء
وأمامها اختلطت وجوه النساء
صاروا في ملامحهم سواء
ماتت بأيدي العابثين مدينة الشهداء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
في حانة التطبيع يسكر ألف دجال
وبين كؤوسهم تنهار أوطان .. ويسقط كبرياء
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاء
حملوه بين الناس في البارات .. في الطرقات .. في الشاشات في الأوكار
في دور العبادة في قبور الأولياء
يتسللون على دروب العار
ينكفئون في صخب المزاد ويرفعون الراية البيضاء
ماذا سيبقى من سيوف القهر والزمن المدنس بالخطايا
غير ألوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوب لم تعد أبداً تفرق بين بيت الصلاة.. وبين وكر للبغاء
النجمة السوداء ألقت نارها فوق النخيل فغاب ضوء الشمس
جف العشب واختفت عيون الماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء
وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
فالعجز يحصد بالردى أشجارنا الخضراء
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا غير الشتات.. وفرقة الأبناء
والدهر يرسم صورة العجز المهين لأمة
خرجت من التاريخ واندفعت
تهرول كالقطيع إلى حمى الأعداء
في عينها اختلطت دماء الناس والأيام والأشياء
سكنت كهوف الضعف واسترخت على الأوهام
ما عادت ترى الموتى من الأحياء
كُهّانها يترنحون على دروب العجز
ينتفضون بين اليأس والإعياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
من أي تاريخ سنبدأ بعد أن ضاقت بنا الأيام
وانطفأ الرجاء يا ليلة الإسراء
عودي بالضياء يتسلل الضوء العنيد من البقيع إلى روابي القدس
تنطلق المآذن بالنداء
ويطل وجه محمد يسري به الرحمن نوراً في السماء
الله أكبر من زمان العجز .. من وهن القلوب .. وسكرة الضعفاء
الله أكبر من سيوف خانها غدر الرفاق .. وخِسة الأبناء
جلباب مريم لم يزل فوق الخليل يضيء في الظلماء
في المهد يسري صوت عيسى في ربوع القدس نهراً من نقاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
يتساقط الأمل الوليد على ربوع القدس
تنتفض المآذن
يبعث الشهداء
تتدفق الأنهار
تشتعل الحرائق
تستغيث الأرض
تهدر ثورة الشرفاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
رغم اختناق الضوء في عيني ورغم الموت.. والأشلاء
مازلت أحلم أن أرى قبل الرحيل
رماد طاغية تناثر في الفضاء
مازلت أحلم أن أرى فوق المشانق
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعه السماء
مازلت أحلم أن أرى الأطفال يقتسمون قرص الشمس
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاء
مازلت أحلم … أن أرى وطناً يعانق صرختي
ويثور في شمم .. ويرفض في إباء
مازلت أحلم أن أرى في القدس يوماً
صوت قداس يعانق ليلة الإسراء
ويطل وجه الله بين ربوعنا
وتعود.. أرض الأنبياء