٢٠٠٧/١٢/٢٨

لا تكذبي ... كامل الشناوي

لا تكذبي
إني رأيتكما معا
ودعي البكاء ... فقد كرهت الأدمعا
ما أهون الدمع الجسور إذا جرى ... من عين كاذبة
فأنكر وادعى
****
إني رأيتكما ... إني سمعتكما
عيناكِ في عينيه ... في شفتيه في كفيه ... في قدميه
ويداكِ ضارعتان .. ترتعشان من لهفٍ عليه
****
تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني
بسوطٍ من لهيب
بالهمس، باللمس، بالآهات ، بالنظرات ، باللفتات ، بالصمت الرهيب
ويشب في قلبي حريق
ويضيع من قدمي الطريق
وتطل من رأسي الظنون تلومني وتشد أذني
فلطالما باركت كذبكِ كله ولعنت ظني
****
ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليكِ ؟
ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفاً عليكِ ؟
أأقول هانت ؟
أأقول خانت ؟
أأقولها ؟
لو قلتها أشفي غليلي
ياويلتي
لا ، لن أقول أنا ، فقولي
****
لا تخجلي .. لا تفزعي مني .. فلست بثائرِ
أنقذتني من زيف أحلامي وغدر مشاعري
****
فرأيت أنك كنت لي قيدًا ... حرصت العمر ألا أكسره
فكسرته
ورأيت أنك كنت لي ذنباً ... سألت الله ألا يغفره
فغفرته
****
كوني كما تبغين لكن لن تكوني لي
فأنا صنعتكِ من هواي ، ومن جنوني
ولقد برئت من الهوى ومن الجنون

الشاعر المعلم ... ابراهيم طوقان

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي
قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا

اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً
مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ
كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعَةً
لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولا

حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً
مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا

مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ
وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا

وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى
وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا

لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً
مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا

مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ
أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا

وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي
مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا

وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى
وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى

فَأَرَى (حِمَارَاً ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه
رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً
وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ
إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

٢٠٠٧/١٢/٢١

أرض الأنبياء .. فاروق جويدة

ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟؟
لا شيء غير النجمة السوداء ترتع في السماء
لا شيء غير مواكب القتلى
وأنات النساء
لا شيء غير سيوف داحس التي
غرست سهام الموت في الغبراء
لا شيء غير دماء آل البيت مازالت تحاصر كربلاء
فالكون تابوت
وعين الشمس مشنقةُ
وتاريخ العروبة سيف بطش أو دماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟؟
خمسون عاماً والحناجر تملأ الدنيا ضجيجاً
ثم تبتلع الهواء
خمسون عاماً والفوارس تحت أقدام الخيول تئن في كمدٍ
وتصرخ في استياء
خمسون عاماً في المزاد
وكل جلاد يحدق في الغنيمة ثم ينهب ما يشاء
خمسون عاماً والزمان يدور في سأم بنا
فإذا تعثرت الخطى
عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء
خمسون عاماً نشرب الأنخاب من زمن الهزائم
نغرق الدنيا دموعاً بالتعازي والرثاء
حتى السماء الآن تغلق بابها
سئمت دعاء العاجزين
وهل تُرى يجدي مع السفه الدعاء؟؟؟؟؟؟؟؟
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
أتُرى رأيتم كيف بدلت الخيول صهيلها في مهرجان العجز
واختنقت بنوبات البكاء
أتُرى رأيتم كيف تحترف الشعوب الموت
كيف تذوب عشقاً في الفناء
أطفالنا في كل صبح يرسمون على جدار العمر خيلاً لا تجيء
وطيف قنديل تناثر في الفضاء
والنجمة السوداء ترتع فوق أشلاء الصليب
تغوص في دم المآذن
تسرق الضحكات من عين الصغار الأبرياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ما بين أوسلو والولائم .. والموائد والتهاني .. والغناء
ماتت فلسطين الحزينة
فاجمعوا الأبناء حول رفاتها وابكوا
كما تبكي النساء
خلعوا ثياب القدس
ألقوا سرها المكنون في قلب العراء
قاموا عليها كالقطيع .. ترنح الجسد الهزيل
تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء
كانت تحدق في الموائد
والسكارى حولها يتمايلون بنشوة
ويقبلون النجمة السوداء
نشروا على الشاشات نعياً دامياً
وعلى الرفات تعانق الأبناء والأعداء
وتقبلوا فيها العزاء
وأمامها اختلطت وجوه النساء
صاروا في ملامحهم سواء
ماتت بأيدي العابثين مدينة الشهداء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
في حانة التطبيع يسكر ألف دجال
وبين كؤوسهم تنهار أوطان .. ويسقط كبرياء
لم يتركوا السمسار يعبث في الخفاء
حملوه بين الناس في البارات .. في الطرقات .. في الشاشات في الأوكار
في دور العبادة في قبور الأولياء
يتسللون على دروب العار
ينكفئون في صخب المزاد ويرفعون الراية البيضاء
ماذا سيبقى من سيوف القهر والزمن المدنس بالخطايا
غير ألوان البلاء
ماذا سيبقى من شعوب لم تعد أبداً تفرق بين بيت الصلاة.. وبين وكر للبغاء
النجمة السوداء ألقت نارها فوق النخيل فغاب ضوء الشمس
جف العشب واختفت عيون الماء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
ماتت من الصمت الطويل خيولنا الخرساء
وعلى بقايا مجدها المصلوب ترتع نجمة سوداء
فالعجز يحصد بالردى أشجارنا الخضراء
لا شيء يبدو الآن بين ربوعنا غير الشتات.. وفرقة الأبناء
والدهر يرسم صورة العجز المهين لأمة
خرجت من التاريخ واندفعت
تهرول كالقطيع إلى حمى الأعداء
في عينها اختلطت دماء الناس والأيام والأشياء
سكنت كهوف الضعف واسترخت على الأوهام
ما عادت ترى الموتى من الأحياء
كُهّانها يترنحون على دروب العجز
ينتفضون بين اليأس والإعياء
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء؟
من أي تاريخ سنبدأ بعد أن ضاقت بنا الأيام
وانطفأ الرجاء يا ليلة الإسراء
عودي بالضياء يتسلل الضوء العنيد من البقيع إلى روابي القدس
تنطلق المآذن بالنداء
ويطل وجه محمد يسري به الرحمن نوراً في السماء
الله أكبر من زمان العجز .. من وهن القلوب .. وسكرة الضعفاء
الله أكبر من سيوف خانها غدر الرفاق .. وخِسة الأبناء
جلباب مريم لم يزل فوق الخليل يضيء في الظلماء
في المهد يسري صوت عيسى في ربوع القدس نهراً من نقاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
يتساقط الأمل الوليد على ربوع القدس
تنتفض المآذن
يبعث الشهداء
تتدفق الأنهار
تشتعل الحرائق
تستغيث الأرض
تهدر ثورة الشرفاء
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء
هزي بجذع النخلة العذراء
رغم اختناق الضوء في عيني ورغم الموت.. والأشلاء
مازلت أحلم أن أرى قبل الرحيل
رماد طاغية تناثر في الفضاء
مازلت أحلم أن أرى فوق المشانق
وجه جلاد قبيح الوجه تصفعه السماء
مازلت أحلم أن أرى الأطفال يقتسمون قرص الشمس
يختبئون كالأزهار في دفء الشتاء
مازلت أحلم … أن أرى وطناً يعانق صرختي
ويثور في شمم .. ويرفض في إباء
مازلت أحلم أن أرى في القدس يوماً
صوت قداس يعانق ليلة الإسراء
ويطل وجه الله بين ربوعنا
وتعود.. أرض الأنبياء

٢٠٠٧/١٢/٢٠

بطاقة هوية ... محمود درويش

سجل
أنا عربي
و رقم بطاقتي خمسون ألف
و أطفالي ثمانية
و تاسعهم سيأتي بعد صيف

سجل
أنا عربي
و أعمل مع رفاق الكدح في محجرْ
و أطفالي ثمانية
أرسل لهم رغيف الخبز
و الأثواب و الدفترْ
من الصخرْ
و لا أتوسل الصدقات من بابك
و لا أصغرْ
أمام بلاط أعتابك
فهل تغضب؟؟

أنا عربي
أنا اسم بلا لقبِ
في بلاد كل ما فيها صبور
يعيش بفورة الغضبِ
جذوري
رست قبل ميلاد الزمان
و قبل تفتح الحِقبِ
و قبل السَّرو و الزيتون
و قبل ترعرع العشبِ
أبي من أسرة المحراث
لا من سادة نجبِ
و جدي كان فلاحاً
بلا حسبٍ و لا نسبِ
يعلمني شموخ الشمس
قبل قراءة الكتبِ
و بيتي كوخ ناطورٍ
من الأعواد و القصبِ
فهل ترضيك منزلتي؟؟
أنا اسم بلا لقبِ

سجل
أنا عربيٌ
و لون الشعر فحميٌ
و لون العين بنيٌ
و ميزاتي
على رأسي عقال فوق كوفيهْ
و كفي صلبة كالصخر
تخمش من يلامسها
و عنواني
أنا من قرية عزلاء منسيةْ
بلا أسماء شوارعها
و كل رجالها في الحقل و المحجر
فهل تغضب ؟؟

سجل
أنا عربي
سَلَبتَ كروم أجدادي
و أرضاً كنت أفلحها
أنا و جميع أولادي
و لم تترك لنا و لكل أحفادي
سوى هذي الصخور
فهل ستأخذها حكومتكم كما قيلا ؟؟
إذن
سجل برأس الصفحة الأولى
أنا لا أكره الناس
و لا أسطو على أحدِ
و لكني إذا ما جعت
آكل لحم مغتصبي
حذار حذار من جوعي
و من غضبي

٢٠٠٧/١٢/١٩

لن أنافق ... أحمد مطر

نَافِقْ
وَنَافِقْ
ثمَّ نَافِقْ ، ثمَّ نَافِقْ
لا يَسْلَمُ الجَسَدُ النَّحِيلُ مِنَ الأَذَى
إنْ لَمْ تُنَافِقْ
نَافِقْ
فَمَاذَا في النِّفَاقِ
إذَا كَذَبْتَ وَأَنْتَ صَادِقْ
نَافِقْ
فَإنَّ الجَهْلَ أَنْ تَهْوِي
لِيَرْقَى فَوْقَ جُثَّتِكَ الْمُنَافِقْ
لَكَ مَبْدَأٌ ؟ لا تَبْتَئِسْ
كُنْ ثَابِتَاً
لَكِنْ .. بِمُخْتَلَفِ الْمَنَاطِقْ
وَاسْبِقْ سِوَاكَ بِكُلِّ سَابِقَةٍ
فَإنَّ الحُكْمَ مَحْجُوزٌ
لأَرْبَابِ السَّوَابِقْ
* *
هَذِي مَقَالَةُ خَائِفٍ
مُتَمَلِّقٍ ، مُتَسَلِّقٍ
وَمَقَالَتِي : أَنَا لَنْ أُنَافِقْ
حَتَّى وَلَوْ وَضَعُوا بِكَفَيَّ
الْمَغَارِبَ وَالْمَشَارِقْ
يَا دَافِنِينَ رُؤُوسَكُمْ مِثْلَ النَّعَامِ
تَنَعَّمُوا
وَتَنَقَّلُوا بَيْنَ الْمَبَادِئِ كَالْلَقَالِقْ
وَدَعُوا الْبُطُولَةَ لِي أَنَا
حَيْثُ البُطُولةُ بَاطِلٌ
وَالحَقُّ زَاهِقْ
هَذَا أَنَا
أُجْرِي مَعَ الْمَوْتِ السِّبَاقَ
وَإنَّنِي أَدْرِي بِأَنَّ الْمَوْتَ سَابِقْ
لَكِنَّمَا سَيَظَلُّ رَأْسِي عَالِيَاً أَبَدَاً
وَحَسْبِي أَنَّنِي في الخَفْضِ شَاهِقْ
فَإذَا انْتَهَى الشَّوْطُ الأَخِيرُ
وَصَفَّقَ الجَمْعُ الْمُنَافِقْ
سَيَظَلُّ نَعْلِي عَالِيَاً
فَوْقَ الرُّؤُوسِ
إذَا عَلاَ رَأْسِي
عَلَى عُقَدِ الْمَشَانِقْ